جرْحَانِ ..
إيقاعُ المَدَى
و الخَاطِرُ المفتونْ
جُرْحِانِ . .
إيقاعُ المَدَى
و الخَاطِرُ المفتونْ
جُرْحِانِ . .
ذاكرَتِي التي تهمِي
و جَمْرٌ في اشتهاءَاتِ العيونْ .
جُرْحَانِ يَا قَلْبي
وصَمْتُكَ حَائطٌ يمتدُّ في المَنْفىَ
لماذا كلما انتابتْ حديقتَكَ اخْتَلاَجَاتُ النِّدىَ والعِشْقِ
سَرْبَلَكَ السّكُونْ ؟
أَخْتَارُ مِنْ بَيْنِ اللغات : الصَّخرَ ،
مِنْ بَيْنِ الجهاتِ : البَحْرَ ،
مِنْ بَيْنِ المَرَايا : وَجْهَهَا ،
ويسيلُ دربٌ مِنْ رُبَى قلبي
إلى ميعادِهَا
في ساحةٍ للحلْمِ إبَّانَ الهطولْ .
ليكُنْ حضورًا قاصمًا . .
ولْتجرفِ الرِّيحُ العفيَّةُ ما تبقَّى من صُراخٍ يَابِسٍ
في الأرضِ ،
ولْتَعْصِفْ غيومُ الوَجْدِ بالأشعارْ . .
ها هُنا انشقَّتْ غيوبٌ عن هبوبٍ ،
فَانْجَلى عن كلِّ عينٍ حَاجِبٌ
عن كلِّ قلبٍ ليَلُهُ ،
وهُنَا ازْدَهى في نبضِك الدَّامي
أريجٌ مِنْ صَهيلِ الحلْمِِ
وانداحتْ سهولٌ خصْبةٌ ،
فهفَتْ إلى النَّبْعِ الطفوليِّ الرهيفِ رصَانةُ الأحجارْ .
سبْحَانَ من خلَقَ النساءَ
وأَضْرَمَ الإيقاعَ في أجسادهنْ ،
وسُبْحَان الذي لا يكتئبْ . .
قال السجينُ وَقَدْ تَلَفّعَ بالحَنينِ وبالسحبْ ،
وتهاطلتْ في القلبِ جُدرانُ الأزقةِ والحَوَاري والقِبابْ
وتقاطَرَ الصُّنَّاعُ :
أَيْنَعَت المطارقُ في الأكفِّ ،
فأَزْهَرَ الإِيقاعُ
أَشْعَلَنِي . .
وكان النبضُ موصولاً بمَنْ رَفَعَ السقوفَ
وموغلاً بالصبحِ في جَسَدِ المدينةِ وهيَ ترفُلُ في الأيادي
يا أبي . . . . . .
واستَغْرَقَتْنِي في جنونِ الطَّرْقِ حُمَّى القارِعَةْ .
" الحُلْمُ يا محبوبتي زادِي
دِمُ الرُّؤيا الذي أحيا بهِ
مَوْتِي وميلادِي
والحبُّ ميعادِي
وذاكرةُ الهَوَى المخضرِّ في وجهِ الخريفْ ،
والحلُمُ لم يَصْهَرْ دمي صهرًا
ولم يشهقْ عميقًا في يدي جرحُ الرغيفْ
هذا اعترافي فاشْهَدِي "".
لمدينتي يتهدَّجُ الحَرْفُ العنيدْ
وبطيبةِ الصُّنَّاعِ والفقراءِ يختلجُ النشيدْ .
مسَّتْ يدي – في الصُّبْحِ – خاصرةَ المدينةِ
فاستفاقتْ في المواعيدِ النَّديَّةِ " كوشةُ الصفَّارْ "
وارتحلتْ بيَ الصبواتُ
حين تَفَتَّقَتْ في " زنقة العربيِّ " شمسٌ طفلةٌ
وانشقَّ بابٌ عن قوامٍ عامرٍ بالخوخ والنوَّارْ .
البرقٌ . .
يَالأَنَاقةِ التكوينِ . . يالَعراقِة الأسرارْ .
البرقُ قَدْ يَأْتي مِنَ الحِنَّاءِ ،
إذْ يَتَفَتَّحُ الصبحُ البهيجُ على أصابِعِهِنَّ
باقاتٍ من الضَّحِكَاتِ والأشعارْ
ومِن البخارِ الصاعدِ الموَّارِ أزمنةٌ تطلُّ وتختفيِ
في كلِّ منعطفٍ ودارْ . .
وفتحتُ صدْرِيَ – عند " بابِ البحرِ " – للريحِ التي تَنْحَلُّ
فوقَ الشاطئِ الصخرِيِّ في الزَّبَدِ الكثيفْ
البحرُ ، حين تَخُضُّهُ الأشواقُ ،
والبَحَّارُ حين يؤَوبُ ،
محتدمانِ في قلبي إلى حدِّ النزيفْ .
أَمْضي . .
تسيرُ بجانبي الطرقاتُ
والأقواسُ
والدورُ العتيقةٌ
تحتويني في المساءِ نَقَاوَةُ المشْمُومِ
إذْ آوي إلى مقهًى ببابِ البحرِ :
سيدتي تُطِلُّ الآنَ مِنْ شُبَّاكِهَا
وتذوبُ في رِيقي ،حليبٌ صوتُها . .
ورموشُها تنسابُ في لُغَتِي
إلى أنْ لا يصيرَ القيظُ تحتَ جُفُونِها قَيْظَا .
أَشُمُّ عبيرَها ينثالُ من حجرٍ
وأَرْشُفُ سَلْسَبِيلاٍ من تَفَتُّحِهَا
ويَعْصِمُنِي مِنَ الإيغَالِ في الرَّمزِ
اشتعالُ علاقةٍ ما بينَ قهَوتِها وطيبِ ضفيرتيْها .
إنني أَمْشِي على حدِّ الزَّمَانِ الصعبِ
تُفْعِمُني اختلاجتُها
وَأَشْهَدُني مُحاطًا بالبهاءِ
كأنَّ سيدتي استفاضتْ مِنْ كيانِ الصمتِ
وانداحتْ مَعَ الأنفاسِ في عبِق الهواءْ.
فطوبَى للتي فَتَحَتْ خزَائِنها لمن يحتاجُ
طوبَى للتي أَسْرَتْ بعاشقِها إلى لُغَةِ الندَى والارتواءْ .
زَبَدٌ هديرُ القحطِ سيدتي إذا اخْضَلَّ اللقاءْ
الليلُ والطاعونُ والباشاَ وجندُ الانكشاريينْ
ماذا يتركونْ ؟
حَطَّتْ على رأسي المدينةُ كفَّها الزيتيَّ
فاشتعلتْ على صدرِي الحبيبةُ بالغناءْ :
إن البيوتَ كثيرةٌ
والسقْفُ واحدْ ،
والأمنياتُ جريحةٌ
والقلبُ صامدْ ،
والكادحون تناهَبَتْهُم غابةُ الإسْمنْتِ
" غولٌ هائلٌ "
والنفطُ لو أدركتَ شاهدْ
فارْقُصْ إذا ما شِئْتَ أَنْ يبقى الهوى حياًّ
على إيقاعِهِ الصَّاعدْ . .