الجمعة، 25 أغسطس 2017




سلمللي عااا،،،السيادة الوطنية 
خالد درويش ..



انتفض الليبيون انتفاضة عارمة وهم يصرخون لا لا للاستعمار ،، كانت الصرخات تهدّ الجبال كصرخاتهم التي ذهبت أدراج الرياح وهي تطالب بالحرية والعدالة والدستور وإصلاح منظومة الفساد المستشرية في جسد ومفاصل البلاد والعباد ، أخذوا وضع الانبطاح وهم يزحفون لملاقاة العدو بصدور عارية وبطون خاوية وجيوب تصفّر فيها الريح ويهرب منها الكهرباء وينفذ الغذاء والدواء وتسقط شبكة الماء والهواء ، شحذوا بقايا السكاكين التي تخلّفت من الحروب التي شنوها ضد بعضهم البعض وجمعوا الحبال والعصي التي لم تعد تخص أحدا من الموتى خصوصا بعد نفاذ ذخيرة المواطنين والمليشيات والثوار في اقتناص بعضهم البعض وترويع السكان المهجرين والمقيمين في كل مناسبة .
امتشق الليبيون ما تبقى لهم من وطنية وصرخوا : لا لا للاستعمار ،، سرت في عروقهم دماء الجهاد المقدس وروح عمر المختار الطاهرة  وأعجبهم أداء انتوني كوين وهو يرفع رأسه للمشنقة ويردد من وراءه عبدالله غيث : نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت ، نحن لا نتراجع أبدا عن فعل فعلناه مهما كان الثمن وعن جرمٍ اقترفناه مهما كانت النتائج ، أعجبتهم تلك الوطنية التي تأججت دون سابق عهد وانفجرت في نفوسهم ترفع قبضة النصر عالياً وهي تصرخ : مرحب بالجنّة ،، جت تدنّى .
مرحبا بالجنة التي جاءت تقترب في صورة سفينتين عدوتين يرأسهما غراسياني وسيشلياني بقيادة الجنرال "كانيفا" .
صار البكاء نحيبا، والنحيب عويلا ، وأغرقت الدموع الطريق السريع (البطيء دائما) ، الجميع توحد ضد الاستعمار وضد التبعية والرجعية والعمالة ، ونسي الجميع أن الوطن المفكك والمترامي الأطراف وهذه الرقعة اللامتناهية من الرمال والصهد تفتح ذراعيها وتشق صدرها لكل من هب ودب ، خصوصا تلك السيادة الوطنية التي ينعم بها الليبيون منذ الأزل ، فمنذ الأزل وهم أسياد قراراتهم وصناعتهم وتجارتهم وطرق قوافلهم وبحريتهم وأجوائهم بل وطعامهم وشرابهم ، كانت السيادة الوطنية تتسكع في الشوارع عارية الساقين مكشوفة الصدر يتحرش بها المارة وقليلي الأدب من شبابنا الجامعي المتعلم الحامل لكل القيم والمبادئ ، كانت السيادة الوطنية تفتح عينيها صباحا وتطل من برج الساعة تدلدل رجليها لتلامس شاطى البحر فتحس بلسعة البرودة المنعشة لصباحات طرابلس الحرة السعيدة والسيدة الكريمة صاحبة السيادة والريادة ، ثم تشرب قهوتها في مقهى (الزهر) ثم تتنزه حتى شارع ميزران لتتذوق بريوش عم فتحي متنقلة بين الأزقة والشوارع وهي تحيّ المارة والعابرين : مرحبا صباح الخير آنا السيادة الوطنية ، فيجيب المارة البسطاء الذين لم يروها ولم يعرفوها في حياتهم : أهلا عمتى السيادة الوطنية كيف حالك اليوم ؟ قداش سعر الدولار باللهِ ؟.
كانت ولازالت السيادة الوطنية منديلا يكفكف دمع من لا وطن لهم إلا على الورق أو أمام المصارف والجمعيات الاستهلاكية الفارغة وأمام الديون المتراكمة وفرار الأمن والاستقرار والبسمة من عيون الأطفال ، عن أية سيادة يتحدث هؤلاء وكل أوصال الوطن مفكوكة كجرار زراعي قديم يتآكله الصدأ ، عن أية سيادة وطنية ونحن نستجدي كل حثالة العالم أن ينقدونا من أنفسنا من أولادنا من السلاح الذي اقتحمنا مخازنه وبعناه في شتى بقاع العالم لقد نجحنا ولأول مرة في التصدير وبجدارة ، تصدير خردة السلاح الروسي العتيق الذي كانت ليبيا كموزع فردي له في أفريقيا وكان العقيد العجوز كوكيل تجاري له .عن أية سيادة وكل ما فوق هذه البلاد خراب في خراب ، الحدود المهتوكة ، السجون ، القمع ، الإرهاب ، الانقطاع الكامل للكهرباء ، تهريب الأفارقة ، تخريد ثروات ومعادن ليبيا ، تهجير المدن والعباد ، تركيع الطرابلسيين وإذلالهم بالطوابير المطوبرة من كل شيء والتقتير عليهم في قوتهم وعيشهم النكد حتى يرضخوا ويهتفوا وقد هتفوا ( رضينا بحتف النفوس رضينا .. المهم يا حكومة ترضوا علينا) . سلملي عالسيادة الوطنية واتحدى أي واحد يقول إن ليبيا عندها سيادة يا سادة والحالة كلها قهوة سادة في سادة . وخليها في سرك .