"قوافل السحب والحلم/ والضوء والظل"
فضاءات العباني
في صالة "كازالانجس" بطرابلس
كلما شاهدت معرضا للفنان التشكيلي الكبير علي العباني، وتأملت في لوحاته التي تفتح مخيلتي على آفاق رحبة في المكان والزمان، وتعيد إلى ذاكرتي قصائد جميلة، كما تعيدني إلى قصيدة بعينها كتبتها قبل ما يقرب من خمسة عشر عاما، وكانت أهم مشاهدها إضافة إلى ذكريات الصبا والشباب في فلسطين مشهد "أفق أزرق وأرض بعيدة". هذه هي واحد من أهم معالم الكون التجريدي للفنان علي العباني، الذي يزخر بذلك الفضاء الشاسع حيث تتنفس الروح هواء نقيا لامرئي. دائما سوف ترى العباني يأخذك إلى عوالم فيها صورة غائبة للصفاء الانساني المفجوع بصور الفزع والدم والفجيعة والإزدحام. هذا هو تقريبا الشعور الذي كان ينتابني وأنا اشاهد معرض الفنان علي العباني الذي تجسد فيما يقرب من خمسة عشر لوحة زينت جدران قاعة "كازالانجس" الصغيرة وممراتها الضيقة، وعلى مدى عشرين يوما تقريبا في طرابلس بما يقرب من عشرين لوحة أو أقل قليلا، للفنان التشكيلي الليبي الكبير علي العباني، وذلك منذ التاسع من شهر ابريل وحتى الثامن والعشرين منه، وحمل المعرض عنوان "فضاءات علي العباني". في هذا المعرض يواصل الفنان علي العباني الايغال في رحلته التجريدية في رسم فضاءاته الزرقاء الشاسعة، وكأنه كائن فضائي يسافر فوق طبقات السحب والغيوم، أو في مساحات الصحراء البنية الرحبة ذاهبا باتجاه حلم متوحد فريد ومستحيل التحقق، إلا من خلال اللوحة واللون، وضمن هذا التجريد الذي يشبه ألفة الأشياء الغريبة. أحيانا تكون مادته الجبال السوداء في فضاءات قارية أو مغطاة بجبال الثلج. وقد عكف الفنان علي العباني في السنوات الأخيرة بتناول هذه الطقوس في لوحاته التجريدية الحديثة، وما يميزها أنه تشبه إلى حد كبير طقوس الفنتازيا في الرواية الحديثة، كما أنها تبعث بقدر كبير من الراحة النفسية لدى المتلقي البصري عندما يطلق لها عنان المخيلة، خاصة وأن معظم هذه اللوحات من الحجم الكبير في أغلب الأحيان، حيث منها ما يصل إلى مترين في متر أو أكثر. ومعظمها بالمناسبة زيت على قماش، أو على ورق أو كانفاس.
وعن هذا العوالم الجميلة يقول عنه صديقه الفنان التشكيلي الكبيرأيضا على مصطفى رمضان، في توصيف دقيق وصادق وبديع عن فضاءات العباني "لقد أصبحت بؤرة الضوء هاجسة فى رحلة التجريد الفنى ووسيلة فى إرتياد البحث التجريدى عبر أفاق الترقب الممتد بين شاطئه القديم وحلمه الجديد. فالشجر والأرض، الطين والتراب، الأمواج والغيوم والشتاء، الضوء والظل والانعكاس. الوادى ..والغدير وقوافل السحب.. والحلم ... والصباح.. كل هذه المسميات تشكل مصدراً من مصادر الابداع الجمالى المتدفق وحوافز الفعل الجديد ، تتحول هذه المسميات بإرادة على العبانى وتصميمه الجاد والمتواصل الى تراكمية من الأنتاج الذهنى المتألق ، وتؤكد مكانته المرموقة بين صفوف زملائه فى ريادة الحياة الثقافية".
أما أنا؛ فما يعزيني عن "إدعائي" وزعمي بصدق ذائقتي وولائي لفضاءات علي العباني وريشته المبدعة وتجريده الانساني الرائق، أننا قلت كلاما مشابها لصديقنا علي مصطفى رمضان، في الكتابة عن معزوفة التجريد الطبيعي، وفي مجمل كتاباتي عن الصديق المبدع علي العباني، وفي أكثر من مناسبة.
فضاءات العباني
في صالة "كازالانجس" بطرابلس
كلما شاهدت معرضا للفنان التشكيلي الكبير علي العباني، وتأملت في لوحاته التي تفتح مخيلتي على آفاق رحبة في المكان والزمان، وتعيد إلى ذاكرتي قصائد جميلة، كما تعيدني إلى قصيدة بعينها كتبتها قبل ما يقرب من خمسة عشر عاما، وكانت أهم مشاهدها إضافة إلى ذكريات الصبا والشباب في فلسطين مشهد "أفق أزرق وأرض بعيدة". هذه هي واحد من أهم معالم الكون التجريدي للفنان علي العباني، الذي يزخر بذلك الفضاء الشاسع حيث تتنفس الروح هواء نقيا لامرئي. دائما سوف ترى العباني يأخذك إلى عوالم فيها صورة غائبة للصفاء الانساني المفجوع بصور الفزع والدم والفجيعة والإزدحام. هذا هو تقريبا الشعور الذي كان ينتابني وأنا اشاهد معرض الفنان علي العباني الذي تجسد فيما يقرب من خمسة عشر لوحة زينت جدران قاعة "كازالانجس" الصغيرة وممراتها الضيقة، وعلى مدى عشرين يوما تقريبا في طرابلس بما يقرب من عشرين لوحة أو أقل قليلا، للفنان التشكيلي الليبي الكبير علي العباني، وذلك منذ التاسع من شهر ابريل وحتى الثامن والعشرين منه، وحمل المعرض عنوان "فضاءات علي العباني". في هذا المعرض يواصل الفنان علي العباني الايغال في رحلته التجريدية في رسم فضاءاته الزرقاء الشاسعة، وكأنه كائن فضائي يسافر فوق طبقات السحب والغيوم، أو في مساحات الصحراء البنية الرحبة ذاهبا باتجاه حلم متوحد فريد ومستحيل التحقق، إلا من خلال اللوحة واللون، وضمن هذا التجريد الذي يشبه ألفة الأشياء الغريبة. أحيانا تكون مادته الجبال السوداء في فضاءات قارية أو مغطاة بجبال الثلج. وقد عكف الفنان علي العباني في السنوات الأخيرة بتناول هذه الطقوس في لوحاته التجريدية الحديثة، وما يميزها أنه تشبه إلى حد كبير طقوس الفنتازيا في الرواية الحديثة، كما أنها تبعث بقدر كبير من الراحة النفسية لدى المتلقي البصري عندما يطلق لها عنان المخيلة، خاصة وأن معظم هذه اللوحات من الحجم الكبير في أغلب الأحيان، حيث منها ما يصل إلى مترين في متر أو أكثر. ومعظمها بالمناسبة زيت على قماش، أو على ورق أو كانفاس.
وعن هذا العوالم الجميلة يقول عنه صديقه الفنان التشكيلي الكبيرأيضا على مصطفى رمضان، في توصيف دقيق وصادق وبديع عن فضاءات العباني "لقد أصبحت بؤرة الضوء هاجسة فى رحلة التجريد الفنى ووسيلة فى إرتياد البحث التجريدى عبر أفاق الترقب الممتد بين شاطئه القديم وحلمه الجديد. فالشجر والأرض، الطين والتراب، الأمواج والغيوم والشتاء، الضوء والظل والانعكاس. الوادى ..والغدير وقوافل السحب.. والحلم ... والصباح.. كل هذه المسميات تشكل مصدراً من مصادر الابداع الجمالى المتدفق وحوافز الفعل الجديد ، تتحول هذه المسميات بإرادة على العبانى وتصميمه الجاد والمتواصل الى تراكمية من الأنتاج الذهنى المتألق ، وتؤكد مكانته المرموقة بين صفوف زملائه فى ريادة الحياة الثقافية".
أما أنا؛ فما يعزيني عن "إدعائي" وزعمي بصدق ذائقتي وولائي لفضاءات علي العباني وريشته المبدعة وتجريده الانساني الرائق، أننا قلت كلاما مشابها لصديقنا علي مصطفى رمضان، في الكتابة عن معزوفة التجريد الطبيعي، وفي مجمل كتاباتي عن الصديق المبدع علي العباني، وفي أكثر من مناسبة.
جميل حمادة