حشد كبير تواصل في قاعة المؤتمرات بمجمّع ذات العماد بالعاصمة الليبية طرابلس، احتفالاً بتوقيع مجموعة شعرية جديدة للشاعر الفلسطيني المتوكل طه، تحمل عنوان (نصوص حنظلة) مهداه إلى روح الشهيد ناجي العلي.
حضر الحفل أكثر من مئتي شخصية ثقافية وإبداعية فلسطينية وليبية وعدد من الإعلاميين، وسفراء ودبلوماسيون وأعضاء الجالية الفلسطينية في طرابلس.
افتتح الحفل بكلمة سعدون السويح صاحب "دار الرواد"، التي أصدرت الكتاب بالتعاون مع "دار حنظلة للنشر والتوزيع"، عَبّر فيها عن سعادته بهذا المنجز الشعري، الذي يسلّط الضوء على نوعية من الأعمال الجادة التي افتقدها القارئ العربي.
ثم قدم الحفل الشاعر والأديب الليبي د. حسين المزداوي مبتدئاً بسرد سريع لقائمة من الشعراء الفلسطينيين، وتحدث عن علاقة السياسة بالشعر وعلاقتهما بالوطن، وموقع الشاعر المتوكل بالوطن والشعر والسياسة.
أما الناقد الإعلامي المعروف يوسف شعبان الفنّادي فقد هنّأ الشاعر على عمله الإبداعي وهنأ نفسه بالتمتع بهذا النص، وتحدث عن ناجي العلي وتجربته، وكيف كانت رسوماته مفجرة لأسئلة مركبة، استطاع شاعرنا أن يجيب عنها ويشرحها ويضفي عليها صوراً لم تكن أقل روعة وتأثيرا من رسوم ناجي العلي. فالشاعر لم يغرّد خارج سربه، ولا يزال يؤمن أن حنظلة موجود بيننا، وتحدث الفنادي عن تداخل الصورة الواقعية مع التخيلية، التي أبدعها الشاعر، بجمل موسيقية مثقلة بواقع فلسطين الذي تجد فيه الثوب المطرز بألوانه، وقرى وسهول وبيارات فلسطين.
بدوره تحدث الشاعر خالد درويش قائلا: هذه ليست ورقة نقدية أقدمها.. إنها قُبلة حبّ على وجه الشاعر المتوكل طه، فالقصائد التي يحتويها هذا الكتاب وتلك النصوص التي بين دفتيّه إنما هي وقداتٌ متوهجة لشاعر سكب روحه ألماً وفجيعة وتذكّراً، إنها استحضار لرمز لا زالت صورته ماثلة بين قلوب مُحبّيه، لا زالت تلك اليدان المعصوبتان خلف الظهر والسروال القصير والنظرة الهازئة للبعيد، لا زالت تلك الاستدارة التي تهزأ بواقع مُرّ استحضره المتوكل طه عبر الرمز القيمة للراحل الشهيد ناجي العلي:
صلّى على دمك الورديِ نوّار
أم غيّرت طبعَها في حُّبّك النارُ
أم البلادُ وهل أبقــوا لنــا بلداً
وكلّهم في مزاد البيع ثــــوّار
حنظلة هنا هو واحدٌ من أبناء الأرض التي اتخذت، ربما صدفة أو ضرورة، شكل الخنجر المغروز على شواطئ أرض الرباط، لتقول بملء ترابها وحنوّها وأغانيها القاسية الصعبة إنها لن تكون إلا لإخوة ناجي ورفاقه، هكذا يُعمّد شاعرنا هذه الأيقونة ويجعل منها راية النضال وأخوّة الأرض والتراب.
إن هذه الملحمة التي ينسجها المتوكل طه مرتكزاً على مخزونه الشعري الفذّ واللغوي السلسبيل، ومعرفته بتفاصيل موضوعه وظروف استشهاد حنظلة، ومواقفه وآرائه السياسية التي دفع ثمنها حياته، ولاءاته التي زرعها في ثنايا لوحاته سكاكين تنغرز في خاصرة المتخاذلين سدنة التجارة والمال وأرباب البيع.
هنيئاً لأخي وصديقي الشاعر الكبير المتوكل طه هذا الإنجاز الشعري الذي يُضاف إلى رصيده الشخصي قيّماً متعالياً، وإلى رصيدنا العربي شعلة تُضيء.. ونخلة تطرح رُطباً جنياً من حدائق الكلام الرقراق، تلك الحدائق الفلسطينية الغنّاء، وهنيئاً للشعر بشاعرنا المتوكل.
ثم قدم المزداوي الشاعر المتوكل طه ليقرأ بعضاً من قصائد مجموعته الشعرية الجديدة التي تحمل الرقم الواحد والأربعين من إصداراته، إذ صدر له قرابة عشرين ديوان شعري وأكثر من ذلك دراسات ونصوص وأبحاث في الثقافة والفكر والسياسة والإعلام.
وقالت الأديبة الليبية د.كريمة محمد: إن الشاعر المتوكل أخذنا إلى منطقة أخرى، وجاب بنا شوارع فلسطين وأزقتها، ونثر أريج الأرض المعجونة بطهر الشهداء، وأضاء حنظلة الواقف كالصخرة في أبواب القدس وشرفات منازلها، كأنه غنّى للحب وللغربة وللوطن وللأشياء التي حضرت مثل حجارة تلك الأرض، وحكت عن الأطفال الذين سينتصرون على الجلاد.
صاحب الشاعرَ عزف للفنان الفلسطيني نضال فارس الذي رافق القصائد بعذوبة ورقة وانسجام، ما أضفى عمقاً آخر للقصائد وشحنها بروح جديدة.
وانتهى الحفل بتوقيع الشاعر على ديوانه الجديد للعشرات من الذين باركوا هذا الإبداع.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق