الأحد، 25 فبراير 2018

يا فاتنتي بديوان الشعر .. المعسول.






       يا فاتنتي بديوان الشعر .. المعسول.

خالد درويش 
طرابلس 20 فبراير 2018

عن تلك الفتاة الخجولة أو التي كانت كذلك سأحدثكم ،  عن تلك الفتاة التي رأيتها يتلألأ في عينيها بريق مشع يسمى بريق الشعر ، وستكون قاهرة المعز نقطة انطلاقة لهذه الفتاة الفلسطينية العذبة المعذبة، مرت أكثر من ثمانية عشر عاما منذ أن التقيتها على ضفاف الشعر والنيل وهي تمد بصرها إلى  أبعد من الشعر رأيتها وهي جذلى بصدور ديوانها الأول وما أدراك ما فرحة الديوان الأول وكلنا عشنا قلق البدايات وألاعيب الناشرين ومطبات معارض الكتاب ، كانت وهي تقرأ من هذا الديوان وتوقع نسخه الأولى بفرحة ولادة غامرة وكنا نستمع إلى لكنتها الغزاوية المحببة ونقوش فستانها الذي جُبِل من تراب يبوس وحاكته أنامل جداتنا هناك بفلسطين وهن يهزجن بالفرح والمقاومة ، كانت نصوص  "إمرأة مشاغبة جدا"  تتقافز في دار مركز الحضارة العربية والتي نشرت بها "فاتنة الغرة" أولى مجموعاتها الشعرية وكنت ضمن الشعراء العرب الذين نشروا ايضا لدى عبدالحميد ولكنني بعد اصدارين توقفت عن التعامل مع الناشرين القاهريين خصوصا ،، ولعل هذا ما حدث مع كثير من الشعراء العرب الذين جعلوا من القاهرة أم الدنيا نقطة انطلاقهم نحو عالم الأدب والثقافة ، وبحق كانت ليالي النيل والبستان ومعرض الكتاب هي المعبر الذي عبرناه جميعنا ،  كنت أستمع إلى فاتنة وأوثق تلك اللحظات البكر بكاميرتي في ذلك الوقت كنت مشرفا لملحق "الجماهيرية" الثقافي ونشرت نصوصا من الديوان وكانت تلك اللقاءات فرصة لتأثيته بالجديد والطازج من نصوص الأصدقاء الشعراء وكتابات حول تجاربهم بما تتيحه الصحافة الثقافية في ذلك الوقت ، أعود لفاتنتنا  التي تقول في ذلك الديوان : أريدك قبل هجوم الصقيع / وقبل انتحار الجدائل فيّ / فمن سوف يرجع عمري إليّ .
في بين تلك اللحظات وبين لحظة ان استوقفتها في جناح سرايا المانيا وهي تحث خطاها نحو المقهى الثقافي بمعرض القاهرة هذا العام ، كانت تمشي بخطى واثقة وتخفي جمال عينيها بنظارة سوداء تفرست في تلك التي مرت بالذاكرة وبصورة الشاعرة التي لم التقيها منذ مدة .. ناديتها لو سمحت يا آنسة توقفت الغزاوية الشرسة وهي تلتفت إلى الوراء مستغربة هذا الجلف الذي يجرى وراءها طالبا منها التوقف وهو في حقيقة الأمر يريد للزمن ان يتوقف ليستعيد حلاوة تلك الأيام حين كان الشعر همّنا الوحيد وسلوتنا التي لا غنى عنها وكانت القاهرة ملتقانا ، التفتت إليا بكل عنفوانها لتصرخ باسمي وانا أمد يدي وقلبي لشاعرة عزيزة وصديقة لم أرها منذ زمن ، فآخر مرة كان لقاؤنا خاطفا في الجزائر عاصمة للثقافة العربية حوالي العام 2007 ومنذ ذلك الحين غابت عني وتفرق عقد الأصدقاء والصديقات (فايزة مصطفى ، فاتنة الغرة . خالد درويش . بسمة الفارسي . هاني الصلوي . خلود الفلاح . عبدالناصر صالح . صالح قادربوه  ،،، وغيرهم نستهم الذاكرة المثقوبة ) .. 
ــ أهلا خالد ،، كيفك
ـــ والله زماااااان 
ــ خالد هلا هلا عندي توقيع ديواني هالسسع  .. مليح اللي شفتك لازم تجي بدار المتوسط ،، يالا نتلاقى هناك .. 
وانطلقت كفرس عربية لتسرج حفل توقيع ديوانها (ثقوب واسعة) هذا الديوان الذي صدر عن دار المتوسط ، الدار التي يؤثتتها المبدع خالد الناصري ، وينحاز فيها للحداثة والتجريب ، والتي شقت طريقها بثبات هي جديرة به .
وجدت كوكبة من الأصدقاء الشعراء والمثقفين يتحلقون حول فاتنتنا وهي توقع لهم "ثقوب واسعة" وبسمتها تملأ المكان ، كتبت لي فاتنة في مقدمة الديوان إهداء رقيقا ذكرتني فيه بصداقتنا الممتدة حيت كتبت ( إهداء إلى صديق العمر والشعر والعواصم والوجع / خالد درويش كم أنا ممتنة بهذه الصداقة ، محبة كبيرة وصداقة مدى الحياة ،4 فبراير2018،.).
قسمت فاتنة ديوانها الجديد بين كتاب الروح وكتاب الجسد ، وهي التي أهدت كتابها إلى روحها وجسدها "اللذان علماني الكثير من الأسرار" حيث تفاجأني فاتنة في أول جملة من كتاب الروح بقولها : زانزانة بحديد صدئ /قلبي 
ذلك الموشح بالسواد طوال العام 
قلبي الذي يشبه الرمانة
ملفوف بحرير متين
ملقي في زنزانة تطل علي جبل
يجري النهر اسفله وتغرد العصافير
تعدو غزلان ، نمور تترقب فراذسها 
تغمر رائحة العشب المبلل المكان 
وقلبي هناك في تلك الزنزانة الصدئة .

في هذا الديوان الخامس للشاعرة .. لم تخلع فاتنة جلبابها الأسود ولم تنزع عنها قتامة الحزن الذي لف حياتها مع معاناتها الصعبة والقاسية التي جعلت منها مزيجا من الألم والشعر والذي تجلى في مفردات هذا الديوان حسب رأيي الشخصي ولازلت أري في عيني صديقتي الغزاوية لمحة الحزن الأسود في عينين سوداووين بجمال نافذ .. هنيئا لك يا صديقتي بديوانك الجديد وهنيئا لقرائك بكاتبة مبدعة وصادقة عرفتها مثلما عرفت كتاب وشعراء فلسطين الحبيبة (حب وحزن وشعر).. 

ليست هناك تعليقات: