من ينتشلني من هذه المدينة الصفر
من هذه الأزقة الخاوية
إلا من الصدمات الجديدة والسعال
من يعيد يروق السماء ورعد الآلهة القديم
ويأخذ سحبنا المتبرجة بالمطر
هذه التي تؤوي أجانب وكلاب الطرقات
وتتركنا كقطة في مزبلة
هل افتح سحّابتي وأبول عليها
أم يكفيها ما اهرقه أباطرة المؤسسات الرسميون
هذه الآبقة من حقل مزارع يقلع بيديه
نفس اليدان اللتان يرفعهما إلى السماء
حالما بالمطر والخصب
مدينة تأكل بالتقسيط وتتذرع بالمجاعة
تلتحف بأوراق الصحف البائسة
وتترك العابرين يهزؤون من ليلها
من يأخذني سجينا ،، حيث مأوى بأربع أضلاع وقيد
التفت إليّ أيها الشرطي الحذر
يا من راتبك 95 دينارا
اصفعني
افتعل مشكلة معي ،، فسأنقاد لك مثلما تشاء
فأنت الوحيد الذي يحق له أن يأخذني حيث يشاء
ارفق بيدي وأنت تسحبهما نحو السلاسل
وبأذنيّ وأنت تجرهما للسمع والطاعة
سنصبح صديقين ..
نُسرّ لبعضنا بالنكات البذيئة
كهذه المدينة البذيئة
وسأحكي لك قصتي مع المطر
ومع الرصيف البارد وقطط الشوارع الجائعة
وسندخن معا تبغنا الحالك الحزن
وسنسخر من وعود الحكومة البائسة
وسنحلم بالدستور هذا الكتاب المقدس وبدولة القانون
وبأشياء محرجة كالملح في الجرح ، وبملفات سرية
لم تحن بعد ..
إيه أيها الطيب كبذلة الكاكي البريئة ضمنا
الواسع كمطار عسكري
يا من عيناك كورقة مُحضِر
ووجهك مثلما لست أدري
ربما كإشارة ضوئية فاسدة
هذه رقبتي كحلوى تتدلى في صبيحة عيد
فاضرب بأسنانك اليابسة في عروقها
وامضغ جيدا ،،
ولا تنسى أن تمسح فمك بعد كل نهشة
هل تحب أن أتملقك كي تسحب
مسدسك وتدغدغ بفوهته
أحراج قلبي المتآكلة
قلبي الصدئ ،، الذي استوطنته
التعاريج المُرّة
واقتتل في فناءه الخير والشر
وعاثت في سنابله فئران الحداثة والمجازر
ونيران هذه المدينة الحارقة
قلبي الذي يسبح عكس التيار
ويضيء في ظلام الحقد الدامس
قلبي الذي فشل بكل المقاييس في أن يتنفس هواء نقيا
وان ينبض أكثر مما هو مقرر
أيها القلب الذي هذه صفاته
آمرك ..
بأن تنحني كي تمر فوقه مدرعات الوطن ،
ومشاته الكاتمة الصوت
وأسلاكه الشائكة ولجانه الشعبية ، وزمزاماته ووعود لا تنتهي
آمرك ..
أن تنحني كي تمر دبابات بحجم الصقيع الأفغاني
وصفقات نفطية منذ ما قبل وإلى ما بعد التاريخ
آمرك ،،
أن تنهض كجندي مذبوح
في معركة سيق إليها دون سلاح أو
خريطة للهرب .
وان تغسل أحزانك في دقائق
وتمسح وجهك في أقل من ذلك
وتنسحب بهدوء من هذه الحياة
وأن تكتب وصيتك البيضاء
التي لا تدين أحدا
ولا تعاتب أحدا
ولا تلقي بالمسؤولية على أحد .
خالد درويش
20/11/2007 نشر النص بصحيفة قورينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق