الأربعاء، 9 يوليو 2014

وصايا البحار الطرابلسي للشاعر عاشور الطويبي


هي السفائن محراث البحار و فحلهاهل كان للخشب غير أن يطفو؟  
سمِّ سفينتك غزالة، عروس الشط، مربوحة، الأفق الأزرق....سمها ما شئت
لسان بحر يقترب ويبتعد ، يسمي الأشياء بلسان برّ يسمع ويرى.
للشاطيء ما ألقت الأمواج.
إذا صنعت سفينتك فاصنعها من أفخر الأخشاب الساجي، الماهوجني، العزيزي أوالأرز أما شجرة الجوز الأسود  فاطرحها بعيدا ولا تقربها
فهي شجرة الشيطان تجتذب الصواعق،  تقتل الماشية،  تحرق المنازل،
و تعمي السفينة.
 إذا ركبت البحر لا تأخذ معك شيئا منها ولو كان مقدار حبة شعير، 
أبعدها عنك تعد إلى مرفئك آمنا.
سطح البحر لا يخبر الشمس شيئا، مستلقيا على فراشه الهزاز، 
يمشط شعرها البرتقالي، يغني لها .
صوت الماء  يخرج من البحر.
صوت الماء يعود إلى البحر.
البحر لا يخبر عن حاله
البحر  قد تخذله الريح
تكسر موجاته تجلدها على الشواطيء البعيدة لكن لا يضيق به فضاء.
أولى الخطوات البريئة  والخطوات المتلصصة كانت على الماء.
تجيء يسبقها البدر في قلبها زفرات البحّارة  وأنين الحناجر المجروحة العطشى.
في الغابة يسكن حارس البحار،  يرسل بناته في الفضاء  غربانَ تحلق متوهجة  وفي الأرض ذئابا تلمع عيونها، تمسح من على  الرمال والموج 
ما تراكم من لعنات.
لننتظر اليوم الرابع، لننتظر مرور النوارس المبصرة، 
لننتظر قليلا علنا نرى خنازير البحر تتقافز على الماء أو تظهر الأغنام التي تقتات على التلّ.
دقات طبول وكحول قوي ودم تيس مراق على سارية تنادي أرواحا 
من وراء  أسوارها  لتفض بكارة النور والظلمة.
لا بد للسفينة من روحلكن لا ترجموا طفلا ، لا تطعنوا بحّارا في ظلمة
ولا تغرقوا في غفلة عن الناس صبية يافعة.
ملعون و ميت ، من يجلس على مائدة الأسلاف، من يسرق طعام الأسلاف.
اكتبوا اسمه في كهف الرخويات المهجور، اطمسوا آثار خطواته، 
املأوا بيته بثعابين البحر.
حمّلوا النبيذ الأحمر أحزانكم ، زجاجاته تتلألأ كالمرجان و لو كنتم تقدرون
دحرجوها فوق التل ثلاث مرات قبل أن تستقر على الماء.
ادفعوا لإله الريح عملته الفضية، علقوها على قاعدة الصاري، لا تأخذوا حجارة بيضاء مستديرة ملساء معكم أبدا، لا تلتفتوا وراءكم ، ولا تقهقهوا عاليا ساعة الغروب.
السفينة
في بيت الروح، في حضرة العابدات الصامتات ، تتخطفها أضواء الشمال، يقذفها الموج المتلاطم على جبل، وإذا سحبها النوم إلى وسادته  على مهل تشتعل فيها النيران
في الليل البحار لا يفكر في البحر، يقرّب أوراق النعناع إلى أنفه، 
يستنشق عميقا عروق الأرض، يضعها فوق جفنه على مسافة ذراع من قلبه الراجف، يحس بها ناعمة كسيقان الفطر البري.  
عاريا كعري الريح على صدر المركب، يخرج من جيب معطفه هفوات البحر،  يتركها على إفريز النافذة تحدق في النجوم الطرية بعيون صابرة عليمة

ليست هناك تعليقات: