الجمعة، 9 أكتوبر 2009

ملائكة وشياطين




عندما طالعت الهجوم العنيف على فيلم " ملائكة وشياطين " من قبل الصحف ومواقع الإنترنت ، بإعتباره فيلم ردئ حاول أن يهاجم المسيحية ، توقعت بالفعل أن أرى شيء صادماً ينهج فيه " رون هاورد " مخرج الفيلم ما تم فعله في فيلم " شفرة دافنشي " ، ولكني وعلى العكس من ذلك ، عندما شاهدت الفيلم ، فإني وجدته فيلم أقترب إلى درجة التصالح مع المسيحية ، وكأنه يقدِّم مغفرة بشكل ما من فيلمه السابق " شفرة دافنشي " ، كما أنني لم أرى فيلماً رديئاً كما قيل ، بل رأيت فيلماً ذو لمسات إخراجية جميلة ، ولقطات كاميرا أبدع فيها المخرج كالعادة .إذن " توم هانكس " الممثل الرئيسي لشفرة دانفشي وملائكة وشياطين ، لم يكن من أهم أعضاء الجماعة الماسونية كما قيل عنه بعد تمثيله لشفرة دافنشي ، وفيلم ملائكة وشياطين أنتهى " بتصالح ما بين العلم والكنسية ، وبأن الكنيسة أصبحت أكثر إدراكاً لأهمية العلم " ، والحقيقة أن من صنف أن فيلم " ملائكة وشياطين " هو فيلم ضد المسيحية ، فهو إما لم يشاهد الفيلم ، أو أنه بعيد الإدراك بالفعل ، لأنه لا يمكن مقارنته بأي حال من الأحوال بأفلام ضد المسيحية أو ضد الدين عموماً بدأها بفيلم " الإغواء الأخير للسيد المسيح " ، وليس آخرها بفيلم " ريليجيليس " أديان سخيفة .وعلى عكس شفرة دانفشي ، " فيلم عقائدي بإطار بوليسي " ، جاء فيلم " ملائكة وشياطين " فيلم بوليسي بخلفية دينية " ، وهذا ما خيب أملي حقيقة ، لأنني كنت أنتظر وأتطلع للكثير من المعلومات التاريخية والدينية التي سيطرحها هذا الفيلم ، ولكني وجدت نفسي أمام حبكة بوليسية رئيسية ، وقلة في المعلومات ، ولكني رغم ذلك أستمتعت بذلك العالم الذي يبرع في غزله " دان براون " صاحب الرواية الأصلية ، من مطاردات وألغاز ، وأيضاً مفاجآت غير متوقعة في النهاية .
الفيلم الجديد من بطولة توم هانكس الذي قام أيضا ببطولة "شفرة دافنشي", والفيلمان مأخوذان من روايتين للكاتب دان براون ، ويلعب الممثل إيوان مكغريغور دور كاميرلينغو المحوري الذي يدير شؤون الفاتيكان في الفترة بين وفاة البابا وانتخاب خليفته ، أيضاً أيايت زورير التي تعلب دور مساعدة لينغدون فيترا .
الفيلم يحكي عن جماعة ظهرت أسمها " المنورين " قامت بخطف أربعة من كبار كرادلة الكنيسة في الفاتيكان ، وذلك أخذ بثأر حادثة قديمة قامت فيها الكنيسة في العصور الوسطى بحرق وقتل أربعة من أعضاء هذه الجماعة ، التي كانت تنتهج العلم كأساس لها ، كانت تحاربها في آن ذاك الكنيسة ، ومع موت البابا في هذه اللحظة ، وإضطراب الكنيسة ، وتهديد هؤلاء الجماعة بتدمير مدينة الفاتيكان بالكامل ، تستعين الكنيسة بالعالم المعروف " لينغدون " توم هانكس المعارض لها ، ليحاول فك الألغاز والتوصل إلى مكان هؤلاء الجماعة .
لن أوضح المزيد أو أكشف المزيد من الأحداث لمن يود مشاهدة الفيلم ، ولكن أحد مشاهد الخاتمة تقول فيه الكنيسة لهذا العالم ، الذي يحضر لكتاب يكشف فيه عن أسرار الكنيسة ، وكان يبحث عن كتب لإتمام كتابه ، فتمنحها الكنيسة له ، وتقول له في نهاية المشهد : " أرجوك ترفق بنا " .
نأتي لبعض الملاحظات السينمائية في الفيلم ، أولها أن توم هانكس لم يصل إلى أقصى أداءه التمثيلي في هذا الدور ، أو ربما الدور نفسه لم يقدم لتوم هانكس أي تحدي جديد ، فأداه بصورة إعتيادية ، ثانياً الفيلم لم يزد عن حبكة بوليسية من بدايتها إلى نهايتها مع بعض النهايات التي تقلب في الآخر بأسلوب " تغيير المسار " ، وهي حبكة لا أراها قوية جداً ، بل عادية إلى حد ما .
برع المخرج في تصوير المشاهد الخارجية ، ومشاهد الجموع بشكل رائع جداً ، إستخدامه لزوايا التصوير البعيدة ، إضافة مؤثرات الإضاءة ، وحتى تنسيق ألوان ملابس الكومبارس ، كلها جعلت الفيلم يخرج بمشاهد مبهرة وجميلة بالحق ، أعيب عليه عدم إستخدامه الكثير من المؤثرات الصوتية ، الخلفيات الموسيقية التي تتصاعد مع الأحداث كانت ضعيفة جداً ، وهذا شيء لا يغتفر مع إمتلاك المخرج مكتبة ضخمة لأكثر الموسيقات الدرامية في العالم ، الموسيقى الكنسية .
في النهاية يظل فيلم " ملائكة وشياطين " فيلم مهم يسجل في سجل كل من الثلاثي " رون هاورد - توم هانكس - دان براون " ، ويبقى السؤال المطروح ، هل سيستمر توم هانكس في لعب أدوار أبطال روايات دان براون ، وهل سنرى أفلاماً جديدة لبقية رواياته " كالحصن الرقمي ، وحقيقة الخديعة ، أم سيكتفي توم هانكس بهذا ، ويبدأ البحث عن أشياء جديدة تضاف لمسيرته الفنية . هذا ما سنكتشفه في نظرة أخرى على الأفلام القادمة ..!!

ليست هناك تعليقات: