الخميس، 10 فبراير 2011

تاريخ الرقابة على المطبوعات


تأليف روبرت نيتز
ترجمة د. فؤاد شاهين
عرض خالد درويش
في هذا الكتاب الذي يقدمه الصحافي "روبرت نيتز" وهو رئيس سابق للمكتب الثقافي للجريدة اليومية "24 ساعة" الصادرة في لوزان ، وهذا الكتاب يتعرض لتاريخ الكتاب في فرنسا وتاريخ العلاقات المعقدة التي أقامتها السلطة دائما مع الذين يكتبونه أو يصنعونه فعلى خط الالتقاء بين السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي كانت الرقابة "فاعلا" كلي الحضور .. الكتاب في حجمه صغير نسبيا لكنني استمتعت بقراءته خصوصا تلك الحجج التي يتذرع بها الرقيب لتبرير عمله ، إن الحالة التي صاحبت تلك الجمل الرنانة من انتهاء عصر القبضة الحديدية على المطبوعات لم تكن صحيحة مئة بالمئة كذلك إلغاء القوانين كلية التي تحد من حرية المطبوعات (صحف،كتب ،انترنت) ولكن لازالت حجج كثيرة كالمحافظة على الأخلاق والآداب العامة وحماية الأطفال والشباب من الكتب الفاسدة الكتاب يتحدث عن بلد الحريات ، وعن عاصمة النور "باريس" ويستشهد بالكثير من الأمثلة حيث قمعت الرقابة المطبوعات التي كانت تتحدث عن ثورة الجزائر ، كما أخذت تقمع ما ينشر عن اليهود وعن التشكيك في المحرقة النازية ومنع كتابات كثيرة اعتبرت معادية للسامية . في عام 1667 أرسل الطبيب شارل باتان ابن غي باتان الشهير بأمر من الملك الشاب لويس الرابع عشر إلى الفلاندر وهولندا (للعمل على مصادرة ألواح ونسخ العديد من النشرات الهجائية الممنوعة) الآتية من هذين البلدين ولقد قام بهذه المهمة بتكليف أشخاص موثوقين لكي يرسلوا إليه النسخ المصادرة دسها بين سائقي العربات الذين وشوا به ، فالمحتمل انه كان يعمل لحسابه .. كان نقابيو المطابع أعداؤه فعملوا على طباعتها في أماكن أخرى .. فحكم عليه بالسجن المؤبد وأدين غيابيا .. إذا ليس من السهل التكهن بفهم عقلية وتاريخ الرقابة .. فالكتب والنشرات الهجائية تتصدر قائمة المنع في ذلك الوقت ، ثم مراقبة الكتب قبل المطبعة ، وبعد اغتيال هنري الرابع من قبل رافياك في 14 مايو 1610 تدفقت النشرات الهجائية مجددا في شوارع باريس وظهرت عناوين مثل : قصاص رادع ونهاية سيئة وتالفة وغيرها مما رفع أسعار هذه الكتب الممنوعة إلى سبع فرنكات كما حدث مع هجائية "وزارة الدرر الثلاث" .. لقد كتب إيتان تيو :( في القرن السابع عشر كانت تسود فكرة أن المعتقدات هي أحد عناصر السلطة بناءً على هذا فإن الحاكمين يتوجب عليهم إدارة النفوس والأجساد معا ) . إن إدارة النفوس التي هي أدارة الكتب والتي كما هو الحال في نهاية حكم لويس الرابع عشر كان مسئول المكتبة هو رئيس قضاة فرنسا ، رئيس العدلية ،الشخص الأول في الإدارة الملكية ..
مراقبة الكتب : وتنقسم إلى إدارة المكتبة والتي تسند إلى رجل موثوق غالبا ما يكون من الأقارب أو الحلفاء ، أما المراقبون الملكيون فإنهم يعينهم رئيس القضاة وزير العدل بناء على اقتراح مدير المكتبة ، فالمراقب هو مبدئيا قارئ كفء ، محام ، طبيب ، مكتبي ، كاتب او دكتور في السربون ، وكدليل على عبثية النظام فإن عددهم يزداد كل سنة بينما تصبح الرقابة أقل قدرة على إيقاف سيل المنشورات غير المسموحة ، لكن يوجد مراقبون طيبون يمكن الاتفاق معهم وهو أحيانا يُطلبون من قبل الكتّاب أنفسهم .
تمارس الرقابة على مرحلتين : يدرس المراقب الكتاب بانتباه ، يصحح المقاطع التي لا تعجبه أو يوعز إلى الكاتب كي يصححها ، عندما ينتهي هذا العمل عليه بموجب النظام لعام 1723 وضع إشارة توقيعه على كل صفحة في المخطوطة .
شرطة الكتاب : في القرن الثامن كما في القرن السابق يمنع طبع كتاب أو الاتجار به دون إذن ، هذا المنع الذي يجري التذكير به دواما واستمرارا منذ أواسط القرن السادس عشر والذي أعيد تأكيده في في تصريح ملكي ثلاث مرات متتالية في أعوام مختلفة وهو القانون الذي سمي فيما بعد "قانون المكتبة" وتم تدعيمه مرات عديدة بالتهديد وبعقوبات قاسية وهو الذي يعد بالطوق الحديدي أو الأشغال الشاقة لطابعي الكتب دون إذن وبالنفي للكُتّاب ، والإعدام على الجنحة الغامضة إي على تأليف كتب لإثارة النفوس .
المفوض العام للشرطة في القرن 18 هو رئيس الشرطة العدلية وهو دائما ذلك الوزير الملهم هذا (الحاكم لباريس) كما يدعوه أحد المعاصرين وهو الذي يصدر الحكام فيما يتعلق بمخالفات أوامر وأنظمة الشرطة ونجد تحت سلطته جميع المهن بالتالي الطابعين والمكتبيين وفي إمكانه مصادرة الكتب وإقفال حانوت أو محترف .
نقفز الى الجمهورية الثالثة وقانون 1881 حيث الولادة العسيرة والصدام بين اليمين الملكي وبين يسار جمهوري اذ حرر تيار مرسوم 10 سبتمبر 1870 مهنتي المكتبة والمطبعة ففي المادة 2 والتي تقول ان كل شخص يريد ممارسة احدى هاتين المهنتين عليه ان يعلن ذلك ببساطة لوزارة الداخلية .. أما المادة الاولى من قانون 1881 فتنص على مبدأ حرية الصحافة "المطبعة والمكتبة حرتان" .
في الفصل السابع والاخير من هذا الكتاب حيث القرن 20 وفي عام 1970 بالتحديد افتتح بروشييه مدير "المجلة الأدبية" عددا خاصا من مجلته الشهيرة بالعنوان التالي ( لايوجد رقابة في فرنسا ) .

ليست هناك تعليقات: