الخميس، 10 فبراير 2011

أفواه الزمن

خالد درويش
تلك الصور النادرة التي يلتقطها هذا الكاتب في دهشة مرعبة وغريبة وكأنها من عالم آخر ، ترجمت أعماله إلى أكثر من 30 لغة ، يكفي أن الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز قد قدم كتابه "عروق أمريكا اللاتينية النازفة بالدماء" إلى الرئيس الأمريكي أوباما ..
كاتب بهذا الحجم والروعة ، لا يستطيع أي ممن كتبوا أو قرأوا عنه وله أن يصنفوه في مكان أو خانة ، يمزج التاريخ بالأسطورة ، الفلسفة بالحكمة ، الرؤيا بالواقع ، كتابة اللانمط ، خلط الواقع بالسحر ، النقد الذي يمازج السريالية بالبساطة بكل شيء وباللاشيء ..
في لا مكان يعتمد هذا الرجل إيقاظ الذاكرة الحية لقارة أحبها ، يكتب "إدواردو غاليانو" كتاباته الساحرة والتي أحبها جدا بروح الكوميديا السوداء التي تولد الكلمات من رحم المعاناة التي مرت بها تلك الشعوب ، شعوب أمريكا
حين تقرأ له كتاب المعانقات أو كتاب كلمات متجولة فإنك تحس بأنك امام كاتب ليس لديه زوائد كلام ، كاتب لا يثرثر ، كل حرف في مكانه ، كل كلمة تجاور أختها بحب وبعاطفة ..أرخ "إدواردو غاليانو" لأمريكا اللاتينية في ثلاثيته "ذاكرة النار" و"قرن الريح" و" كرة القدم في الشمس والظل " و"المرايا" و"أفواه الزمن" تلك التي تروي الرحلة ..الزمن يقول
من زمن نحن
نحن أقدام الزمن وأفواهه
وعاجلا أو آجلا ، مثلما هو معروف ، ستمحو رياح الزمن الآثار .
عبور اللاشيء ، خطوات اللاأحد ؟ أفواه الزمن تروي الرحلة .
الرحلة
أوريول فال الذي يتولى العناية بحديثي الولادة في أحد مستشفيات برشلونة ، يقول إن أول حركة للكائن البشري هي العناق . فيعد الخروج إلى الدنيا في بدء أيامهم ، يحرك حديثو الولادة أيديهم ، كما لو أنهم يبحثون عن أحد .أطباء آخرون ، ممن يتولون رعاية أناس عاشوا طويلا ، يقولون إن المسنين ، في آخر أيامهم يموتون وهم يرغبون في رفع أذرعهم .
هكذا هو الأمر ، مهما قلّبنا المسألة ، ومهما وضعنا لها من كلمات ففي هذا ببساطة ، يختزل كل شيء : بين خفقتين بالأذرع ، دون مزيد من التفسيرات .. تنقضي الحياة .

ليست هناك تعليقات: