الخميس، 10 يوليو 2014

كومو تي كياما ؟ بقلم ابوالقاسم المزداوي


                                                              بقلم ابوالقاسم المزداوي

ما حدث لي هو أشبه لما حدث  للمزارع الليبي إبان الاستعمار الإيطالي البغيض


 والذي كان يعمل بأجر يومي في مزرعة أحد المستعمرين الطليان والذي أنهكته

 الشيخوخة بعد خمسة عشرة عاما قضاها الرجل  كدا وعرقاً بأرض لم ينل منها إلا

 المشقة والتعب حينما حاول أن يبدي رغبته في ترك العمل و الحصول على 

مستحقاته نظير هذه المدة الطويلة التي قضاها كداً وتعباً في هذه المزرعة فما كان

 من ( الطلياني) المتعجرف بعد أن نظر إليه نظرة احتقار وتعال إلا أن يسأله قائلا :

 كومي تي كياما ؟ أي من أنت أوما هو اسمك ؟ 


فلقد قضيت صحبة بعضا من زملائي اثني عشر عاما متواصلة بحلوها ومرّها في

 العمل بالملحق الثقافي بصحيفة الجماهيرية متجاوزاً الأزمة تلو الأخرى (أزمة 

ورق- أزمة أقلام – أزمة مادية – أزمة معنوية – أزمة كراسي – أزمة طاولات –

 أزمة مكاتب – أزمة تقنية – أزمة إمكانيات – أزمة استكتاب – أزمة مستحقات


 مالية للكتاب (باستثناء النصف الأخير من السنة الماضية ) كل هذا والملحق يشق

 طريقه بصعوبة بالغة وهو يحاول الصمود لاسيما وأنه ظل طويلا يمثل النافذة

 الثقافية الوحيدة التي يطل منها مبدعونا بمختلف اتجاهاتهم وإبداعاتهم كل أسبوع

 على القراء .


طيلة هذه المدة إلا قليل منها لم يسمع فيها احد لنا شكوى بل ولقد نسينا فيها

 حضور مناسباتنا الاجتماعية والتي كانت من سوء حظنا أنها لا تقام إلا في أيام

 الخميس وهو اليوم الذي كنا نعد فيه هذا الملحق والذي لم يتغير موعده حتى هذه

 الساعة حتى أنني شخصيا تعودت على  (زعل) الأصدقاء والأحباب والأقارب ومنهم

 من خسرتهم جراء ذلك إلى الأبد .


بالإضافة إلى ظروف وعوامل أخرى مساعدة حتى أنني كنت في كثير من الأحيان

 أخرج بعد منتصف الليل وفي عزّ الشتاء لأجد أوصال سيارتي العجوز وقد تجمدت

 من البرد حتى أن دفع الأصدقاء والمتطوعين لها لن يحرك أو يحنن لها قلباً ما

 يجعل من عودتي إلى البيت عن طريق ( ألأوتو ستوب ) أو في أحسن الأحوال

 (بالأفيكو) أمراً محتوماً .


نتيجة لهذا وبناء على رغبتي في التغيير وربما إيمانا مني بالتداول المهني أو

 الوظيفي (على غرار تداول السلطة) فلعله جاء  الوقت ليحل غيري مكاني مع

 ألإحساس  بالإرهاق وعدم تحمل المزيد من الضغوط بفعل تقدم العمر فلقد رأيت

 ومن وجهة نظري أن ترك الملحق قد حان وقته 

لكنني صُدمت برفض طلبي عديد المرات ولأنني كنت مصراً على ذلك، وبعد مداولات

 ومحاولات وتدخل شخصي من قبل السيد أمين الهيئة والذي قام مشكورا

 بدبلوماسيته المعهودة بفك الاشتباك وفض الارتباط فقد وجدت نفسي وبعد هذه

 المدة الطويلة خارج الملحق ، لكن الذي عكر صفو هذا الانجاز إذا جاز التعبير هو

 حذف اسمي من هيئة التحرير في اليوم التالي دون الإشارة إلى ذلك و سنين العمر

 التي انسلخت مني في هذا الملحق . ومع هذا حمدت الله على أنه لم يعد الأمر كأيام

 زمان عندما كان يُشترط في الالتحاق بأي عمل جديد ضرورة إحضار شهادة حسن

 السيرة والسلوك  من العمل السابق وإلا ( كنا رحنا فيها )


ولكنني ومع هذا وكعادتي ورغم ما جرى لابد لي من التوكيد بأنني لا أكُنّ أي ضغينة

 ولا حقد لأي من زملائي الذين سأظل أحترمهم وأقدرهم بداية من السيد أمين

 التحرير وحتى أحدث فرد في الصحيفة والتي عشت فيها ربما أحلى وأمرَ أيام

 حياتي ولكنني رأيت وأعتقد بأن هذا من حقي بأن ألوم زملائي وأعاتبهم على هذا

 التوديع ( الصامت) الذي لا يليق بنا نحن معشر العاملين بهذه المهنة الحضارية

 لأننا أبناء هذا المجتمع الطيب و لسنا من طينة الطلياني الذي لم يستطع إخفاء

 عجرفته وسوء منبته عندما سأل ذاك الرجل الطيب عن اسمه بشكل يعني عدم

 الاعتراف به كإنسان وهو الذي لم يفعل عيباً سوى أنه طالب بحقه المشروع كأي

 شخص قام بواجبه وبالتالي من حقه المطالبة بأبسط حقوقه. 

ليست هناك تعليقات: