القاهرة / عبد الصبور بدر
الشمس االثقافي
تخصص مجلة "فصول" التي ترأس تحريرها الناقدة الدكتورة هدى وصفي أحدث أعدادها لموضوع لم تألف مثل هذه المجلات الجادة معالجته من قبل وهو "الرواية البوليسية" بوصفها كتابات على هامش الأدب، رغم أن الأدب نفسه يعتبرها أحد روافده وهي التي تتمتع برواج شديد وانتشار واسع بين جمهور عريض من القراء، وهي التي لم تكن تلقى الاعتراف – فضلا عن الاهتمام- النقدي الواجب. وفي مصر أحد كتاب هذا النوع الأدبي وهو المبدع نبيل فاروق الذي يكتب في هذا العدد عن تجربته ومشروعه الروائي الذي بدأ منذ كان طالبا في كلية الطب، وعن رحلة كفاحه الأدبي المثيرة، وهو كاتب متخصص في كتابة الرواية البوليسية المسلسلة وأدب المخابرات والجاسوسية وأدب الخيال العلمي، فهو غزير الإنتاج وواسع الانتشار بين قراء العربية وخاصة الشباب منهم، وقد حصل على جائزة الدولة التشجيعية في أدب الخيال العلمي لعام 2007م وبحصوله على هذه الجائزة استطاع أن ينتزع الاعتراف بهذا النوع الأدبي من المؤسسة الثقافية.
وللمرة الثانية تعمل فصول بتقليد "المحرر الضيف" بعد ملف "الترجمة والتثاقف" والمحرر الضيف لملف "الرواية البوليسية" هو الناقد والأستاذ الجامعي المغربي "شعيب حليفي" الذي قسم الملف إلى مجموعة من الدراسات النظرية والتطبيقية استهلها بدراسته المعنونة بـ"التخيل ولغة التشويق..مقاربة في البناء الفني للرواية" التي يشير فيها إلى أن المحكى البوليسي في الأدب العربي لا يزال خافتا لم يعلن عن البوليسية في الأدب العربي نفسه إلا في نصوص معدودة كما لم يستطع أن يؤسس بخصوصية وتراكم لافتين مثلما هو الشأن في أمريكا وعدد من دول أوربا (فرنسا، انجلترا، ألمانيا...) وآسيا وإفريقيا . لكن الرواية العربية استطاعت استثمار أهم مكونات الرواية البوليسية ضمن رؤية سوسيوثقافية في أعمال محسوبة لروائيين من أمثال نجيب محفوظ، يوسف السباعي، يوسف إدريس، إبراهيم عبد المجيد، بهاء طاهر، صنع الله إبراهيم، غالب هلسا، عبد الإله الحمدوشي، ميلودي حمدوشي، فرج الحوار، إلياس خوري، غادة السمان، فواز حداد..استثمارا لعنصر الجريمة.
وبعد ذلك تجيء دراسة بوشعيب الشاوري "مفارقة الإنتاج والتلقي في الرواية البوليسية العربية" ثم "القصة البوليسية في الأدب المغربي الحديث" لـ عبد الرحيم مؤدن و"من فعلها؟" لـ أحمد خالد توفيق و"الرواية البوليسية والتحليل النفسي : من قتل روجر أكوير؟" لـ بيير بيار ترجمة حسن المؤدن، لتعقبها دراسة خوسيه لويس دي لافوينتي "رودولفو أوسيجلي والبحث عن الحقيقة (محاولة جريمة) سابقة للرواية البوليسية المكسيكية " التي ترجمتها عن الإسبانية نادية جمال الدين، أما هناء عبد الفتاح فقد ترجم دراسة دوروتا متولي "مولد أدب الجريمة الروائي في بولندا"، وترجم أحمد خالد توفيق أيضا "دليلك لكتابة القصص البوليسية" التي كتبها ب.ج.وودهاوس، بينما عنون محمد العبد دراسته بـ "الإثارة في الرواية البوليسية"، وقد تحدث بوجمعة الوالي عن التوظيف الدلالي للجريمة في دراسة مقارنة بين "موسم الهجرة للشمال" للطيب صالح و"الغريب" لـ: ألبير كامى، وجاءت دراسة محمد الفارس عن "جريمة قتل ملكة جمال والبحث عن المكنون في "ميس إيجيبت" لسهير المصادفة، أما دراسة عبد الرحمن غانمي فتناولت" الحوت الأعمى" وصيغ الحكي ومكنوناته في الرواية البوليسية وهي نفس الرواية التي اشترك محمد يحيى قاسمى ومحمد المحراوي في كتابة دراسة عنها بعنوان "الحوت الأعمى" كرواية بوليسية نموذجية، وكتب فوزي عيسى عن" الرواية البوليسية في إيطاليا"، وجان إبراهيم بدوي " لمحة عن القصة البوليسية في الصين" وانفرد أحمد سامي العايدي بدراسة عن الرواية البوليسية في الأدب الأذربيجاني المعاصر" واختتمها شعبان يوسف بمقال عن حافظ نجيب ..ذلك المجهول ومؤسس الرواية البوليسية في مصر .
وقد اختارت فصول الروائي صالح مرسي رائد أدب الجاسوسية صاحب "رأفت الهجان" و" الحفار" و"الصعود إلى الهاوية" ليكون شخصية العدد فكتب حلمي النمنم مقالا بعنوان "صالح مرسي الذي تجاهله النقاد حيا وجاملوه ميتا "، وكتب محمد قطب عن الحفار كأنموذج لأدب الجاسوسية فيما قامت إيناس علي أحمد بإعداد ببليوجرافيا كاملة لكل ما كتب صالح مرسي ونشر في هذا المجال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق